ماذا يفعل مهندس النفط والغاز - البترول ؟!

قليلة هي المسارات الوظيفية في عالم اليوم التي تتيح لأصحابها مجموعة من الأدوار الحيوية والمتنوعة كتلك التي يضطلع بها مهندسو البترول في الاقتصاد العالمي، فمع استمرار توقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط والغاز ومنتجاتهما على المدى البعيد، تزداد أهمية الدور الذي يؤديه مهندسو البترول في ضمان تلبية ذلك الطلب ونشر التقنيات الجديدة وإدارة التكاليف والمخاطر وحماية البيئة والمحافظة على مستقبلٍ اقتصادي آمن للعالم.  البترول     يربط معظم الناس البترول بوسائل النقل باعتباره مصدر وقودها، ولكن البترول لا يُستخدم للحصول على الوقود فقط، فهناك الآلاف من المنتجات الحيوية اليومية المشتقة منه، حيث يستطيع برميل البترول الواحد المكون من 42 جالونًا أن ينتج 20 جالونًا من البنزين، وأربعة جالونات من وقود الطائرات، فيما تتحول الجالونات الثمانية عشر الباقية إلى منتجات مثل المذيبات، والأحبار، والإطارات، وزيت المحركات، وقوالب مكعبات الثلج، والطلاءات المنزلية، ومواد التسقيف، وألواح التزلج على الأمواج، وغسول اليد، والشموع، والشامبو، والمواد الحافظة، ومعجون الأسنان، وكُرات الجولف، والآيس كريم، وصمامات القلب، وأكياس القمامة، ومضادات التجمد، والنظارات الطبية، وستائر الحمام، وغير ذلك كثير.    كل هذه المنتجات البترولية والمنتجات المرتبطة بها تأتي من مواد هيدروكربونية موجودة في باطن الأرض، وتتطلب تدخًلا بشريًا لإنتاجها. وتتكون هذه المواد الهيدروكربونية نتيجة تحلل المواد العضوية على مدى ملايين السنين. وعليه، فإن الوقود أو الطاقة المستمَدة من هذه المواد تُعد طاقة «غير متجددة»، بمعنى أن أي استنزاف لهذه المواد الهيدروكربونية لا يمكن تجديده في المستقبل المنظور، وبالتالي فهناك ضرورة ملحة لتطوير أساليب للمحافظة عليها وإيجاد مصادر أخرى للطاقة لدعم المستنفد من المكامن النفطية العالمية نتيجة الطلب الشديد عليها من مستهلكي الطاقة  هندسة البترول   هندسة البترول هي المجال المعني فيما يتعلق باستكشاف وإنتاج مختلف المواد الهيدروكربونية لاسيما النفط الخام والغاز الطبيعي، باعتبارهما من أهم مصادر الطاقة.   والاستكشاف هو المرحلة التي تسبق العثور على الموارد الهيدروكربونية، وهي مهمَّة يتم تنفيذها بشكل رئيس من قبل علماء الجيولوجيا بالتعاون مع مهندسي البترول، ثم تحوَّل هذه الموارد المكتشفة إلى مهندسي البترول المسؤولين عن التطوير والإدارة والأعمال والإنتاج.  نشأت هندسة البترول كتخصص أكاديمي في عام 1914م في المعهد الأمريكي للتعدين ومعالجة المعادن، ومُنحت أول درجة في هذا التخصص من جامعة بيتسبرغ في عام 1915م. ويُعد عدد الطلاب في مجال هندسة البترول منخفضًا بالمقارنة مع غيره في المجالات الهندسية المعروفة مثل الهندسة الميكانيكية أو الكهربائية. وبالتالي فإن هناك طلب كبير على مهندسي البترول في جميع أنحاء العالم.   وقد أسس مهندسو البترول جمعية يعود تاريخها إلى نشأة المعهد الأمريكي لتعدين ومعالجة المعادن، الذي تأسس في عام 1871م في بنسلفانيا، لتطوير إنتاج المعادن وموارد الطاقة من خلال تطبيقات الهندسة، ثم أصبح فرع البترول في الجمعية منظمة مهنية مستقلة ومتكاملة باسم جمعية مهندسي البترول. وانعقد أول اجتماع لمجلس إدارة جمعية مهندسي البترول في عام 1957م في دالاس بتكساس، برئاسة جون هاموند. واليوم في عام 2015م، يزيد عدد أعضاء جمعية مهندسي البترول على 124 ألف عضو، ما يجعلها أكبر جمعية مهنية في الصناعة الهندسية.   المكمن  هو أحد أكثر المصطلحات شيوعًا في هندسة البترول، وهو خزان صخري طبيعي كبير في باطن الأرض تهاجر إليه المواد الهيدروكربونية وتستقر فيه على عمق آلاف الأقدام تحت درجات بالغة الشدة من الضغط والحرارة، وتحدُّه طبقات صخرية كَتِيمَة ومصمتة من فوقه ومن تحته لاحتواء النفط والغاز.   والمكوّن الرئيس للمكمن هو الصخر الكربوني والحجر الرملي، وهي صخور لها كيمياء وخصائص مختلفة، فهي مغلقة بإحكام. ويوجد النفط والغاز في الفراغات المسامية الدقيقة جدًا لنسيجها الصخري. وعندما تتصل هذه الفراغات المسامية ببعضها بحيث يمكن للسوائل أن تنتقل من مجموعة مسامية إلى أخرى، فإنها تصبح صخورًا نفاذية، وبقدر زيادة درجة النفاذية تزداد احتمالات تدفق النفط والغاز. ويتدفق النفط والغاز من المكمن ويصل إلى ثقب البئر بسبب فارق الضغط بين المكمن والبئر، ما يجعله مكمنًا منتجًا للمواد الهيدروكربونية.  وللتشبع خاصية مُهمة من خصائص المكمن، حيث يمكن لسوائل مختلفة مثل المياه والنفط والغاز أن تتعايش في نفس الطبقة الأرضية، ولا يوجد سائل بعينه يستطيع أن يُحدث درجة التشبع في المكمن بأكمله. وإذا وُجِد سائل بعينه، كما هو الحال في مكمن الغاز الجاف جدًا، فإنه لا يمكن إنتاج كل الغاز في المكمن بسبب تشبث بعضه بجدران المسام، وتُعرف هذه الظاهرة بالتشبع الرجعي.  وتُعَد المسامية والتشبع الهيدروكربوني الحركي وسُمْك الخزان ومداه من المحددات العامة لكمية الهيدروكربونات المتراكمة في الحقل، فيما تُحدِّد نفاذية صخور المكمن إمكاناته الإنتاجية.



قليلة هي المسارات الوظيفية في عالم اليوم التي تتيح لأصحابها مجموعة من الأدوار الحيوية والمتنوعة كتلك التي يضطلع بها مهندسو البترول في الاقتصاد العالمي، فمع استمرار توقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط والغاز ومنتجاتهما على المدى البعيد، تزداد أهمية الدور الذي يؤديه مهندسو البترول في ضمان تلبية ذلك الطلب ونشر التقنيات الجديدة وإدارة التكاليف والمخاطر وحماية البيئة والمحافظة على مستقبلٍ اقتصادي آمن للعالم.

البترول

يربط معظم الناس البترول بوسائل النقل باعتباره مصدر وقودها، ولكن البترول لا يُستخدم للحصول على الوقود فقط، فهناك الآلاف من المنتجات الحيوية اليومية المشتقة منه، حيث يستطيع برميل البترول الواحد المكون من 42 جالونًا أن ينتج 20 جالونًا من البنزين، وأربعة جالونات من وقود الطائرات، فيما تتحول الجالونات الثمانية عشر الباقية إلى منتجات مثل المذيبات، والأحبار، والإطارات، وزيت المحركات، وقوالب مكعبات الثلج، والطلاءات المنزلية، ومواد التسقيف، وألواح التزلج على الأمواج، وغسول اليد، والشموع، والشامبو، والمواد الحافظة، ومعجون الأسنان، وكُرات الجولف، والآيس كريم، وصمامات القلب، وأكياس القمامة، ومضادات التجمد، والنظارات الطبية، وستائر الحمام، وغير ذلك كثير.

كل هذه المنتجات البترولية والمنتجات المرتبطة بها تأتي من مواد هيدروكربونية موجودة في باطن الأرض، وتتطلب تدخًلا بشريًا لإنتاجها. وتتكون هذه المواد الهيدروكربونية نتيجة تحلل المواد العضوية على مدى ملايين السنين. وعليه، فإن الوقود أو الطاقة المستمَدة من هذه المواد تُعد طاقة «غير متجددة»، بمعنى أن أي استنزاف لهذه المواد الهيدروكربونية لا يمكن تجديده في المستقبل المنظور، وبالتالي فهناك ضرورة ملحة لتطوير أساليب للمحافظة عليها وإيجاد مصادر أخرى للطاقة لدعم المستنفد من المكامن النفطية العالمية نتيجة الطلب الشديد عليها من مستهلكي الطاقة

هندسة البترول

هندسة البترول هي المجال المعني فيما يتعلق باستكشاف وإنتاج مختلف المواد الهيدروكربونية لاسيما النفط الخام والغاز الطبيعي، باعتبارهما من أهم مصادر الطاقة.

والاستكشاف هو المرحلة التي تسبق العثور على الموارد الهيدروكربونية، وهي مهمَّة يتم تنفيذها بشكل رئيس من قبل علماء الجيولوجيا بالتعاون مع مهندسي البترول، ثم تحوَّل هذه الموارد المكتشفة إلى مهندسي البترول المسؤولين عن التطوير والإدارة والأعمال والإنتاج.

نشأت هندسة البترول كتخصص أكاديمي في عام 1914م في المعهد الأمريكي للتعدين ومعالجة المعادن، ومُنحت أول درجة في هذا التخصص من جامعة بيتسبرغ في عام 1915م. ويُعد عدد الطلاب في مجال هندسة البترول منخفضًا بالمقارنة مع غيره في المجالات الهندسية المعروفة مثل الهندسة الميكانيكية أو الكهربائية. وبالتالي فإن هناك طلب كبير على مهندسي البترول في جميع أنحاء العالم.

وقد أسس مهندسو البترول جمعية يعود تاريخها إلى نشأة المعهد الأمريكي لتعدين ومعالجة المعادن، الذي تأسس في عام 1871م في بنسلفانيا، لتطوير إنتاج المعادن وموارد الطاقة من خلال تطبيقات الهندسة، ثم أصبح فرع البترول في الجمعية منظمة مهنية مستقلة ومتكاملة باسم جمعية مهندسي البترول. وانعقد أول اجتماع لمجلس إدارة جمعية مهندسي البترول في عام 1957م في دالاس بتكساس، برئاسة جون هاموند. واليوم في عام 2015م، يزيد عدد أعضاء جمعية مهندسي البترول على 124 ألف عضو، ما يجعلها أكبر جمعية مهنية في الصناعة الهندسية.

المكمن

هو أحد أكثر المصطلحات شيوعًا في هندسة البترول، وهو خزان صخري طبيعي كبير في باطن الأرض تهاجر إليه المواد الهيدروكربونية وتستقر فيه على عمق آلاف الأقدام تحت درجات بالغة الشدة من الضغط والحرارة، وتحدُّه طبقات صخرية كَتِيمَة ومصمتة من فوقه ومن تحته لاحتواء النفط والغاز.

والمكوّن الرئيس للمكمن هو الصخر الكربوني والحجر الرملي، وهي صخور لها كيمياء وخصائص مختلفة، فهي مغلقة بإحكام. ويوجد النفط والغاز في الفراغات المسامية الدقيقة جدًا لنسيجها الصخري. وعندما تتصل هذه الفراغات المسامية ببعضها بحيث يمكن للسوائل أن تنتقل من مجموعة مسامية إلى أخرى، فإنها تصبح صخورًا نفاذية، وبقدر زيادة درجة النفاذية تزداد احتمالات تدفق النفط والغاز. ويتدفق النفط والغاز من المكمن ويصل إلى ثقب البئر بسبب فارق الضغط بين المكمن والبئر، ما يجعله مكمنًا منتجًا للمواد الهيدروكربونية.

وللتشبع خاصية مُهمة من خصائص المكمن، حيث يمكن لسوائل مختلفة مثل المياه والنفط والغاز أن تتعايش في نفس الطبقة الأرضية، ولا يوجد سائل بعينه يستطيع أن يُحدث درجة التشبع في المكمن بأكمله. وإذا وُجِد سائل بعينه، كما هو الحال في مكمن الغاز الجاف جدًا، فإنه لا يمكن إنتاج كل الغاز في المكمن بسبب تشبث بعضه بجدران المسام، وتُعرف هذه الظاهرة بالتشبع الرجعي.

وتُعَد المسامية والتشبع الهيدروكربوني الحركي وسُمْك الخزان ومداه من المحددات العامة لكمية الهيدروكربونات المتراكمة في الحقل، فيما تُحدِّد نفاذية صخور المكمن إمكاناته الإنتاجية.

مهندس البترول :

هو مهندس يعمل في تصميم واختبار وتنفيذ طرق إنتاج البترول من باطن الأرض والبحر. ويشارك مهندسو البترول في تأكيد الوجود التجاري للنفط أو الغاز، وتحديد مواقع الحفر، وتصميم المنتجات، من خلال تضافر جهودهم مع جهود التخصصات الهندسية الأخرى، والمساهمة في تطوير البرمجيات لمراقبة وتشغيل المعدات ومحاكاة تدفق النفط والغاز عبر المكمن، وتخطيط تطوير الحقل، والإشراف على استخراج ومعالجة النفط.

يمتلك مهندس البترول مزيجًا من المهارات المختلفة في الرياضيات، والكيمياء، والجيولوجيا، والفيزياء، والمالية، وما إلى ذلك، بالإضافة إلى مهارات هندسة البترول الأساسية. وتتداخل هندسة البترول مع عديد من التخصصات الهندسية الأخرى مثل الهندسة الكيميائية، والمدنية والميكانيكية، غير أنها معنية في المقام الأول بتقييم وإنتاج النفط والغاز من المكامن وإتاحته للمستهلك في أشكال ومراحل مختلفة.

ونظرًا لاتساع نطاق هندسة البترول، أصبح من الواضح عدم قدرة أي شخص على القيام بكل المهمات في هذا المجال. وعليه، فإن مهمات هندسة البترول تنقسم وبصورة رئيسة إلى ثلاث فئات هي: التنقيب والإنتاج، والتكرير والمعالجة، والتسويق والتوزيع. وتدخل عملية الاستكشاف الأولى للآبار وتطورها لاحقًا ضمن فئة التنقيب والإنتاج، فيما تشمل أعمال التكرير والمعالجة والتوزيع جميع شبكات الأنابيب المعقدة لنقل النفط والغاز من الآبار إلى معامل التنقية والمصافي وغيرها من المنشآت وصولًا إلى التكرير النهائي وتجهيز النفط الخام وتنقية الغاز الطبيعي ومعامل البتروكيميائيات واستخلاص المنتجات من النفط والغاز. وتُعد عملية تحديد الحقل (ترسيم حدوده)، وتطويره من خلال حفر عددٍ كافٍ من الآبار، وضمان تحقيق أهداف إنتاج النفط والغاز على النحو الأمثل وبصورة اقتصادية، وإدارة المكمن بحكمة باستخدام استراتيجيات الإنتاج السليمة، كل ذلك من المهمات الأساسية لمهندسي التنقيب والإنتاج، فهم المسؤولون عن ضمان أطول فترة إنتاجية للمكمن من خلال تطبيق أنسب تقنيات الهندسة وعلوم الأرض مع الالتزام التام بالسلامة والأنظمة البيئية.

هناك أربعة مجالات ضمن اهتمام مهندس البترول وهي: العثور على النفط والغاز، وتقييم إمكانات إنتاجهما، وتعظيم الاستخلاص والنقل والتخزين. وتشمل التخصصات الرئيسة التصميم، والإشراف وإدارة أعمال الحفر والإنتاج التي تكلف ملايين من الدولارات، وأداء الاختبارات المعملية، والدراسات، والتجارب لفهم المكمن وأساليب الاستخلاص المعزز، وتطوير نماذج المحاكاة الحاسوبية لتحديد عملية الاستخلاص المثلى.

وينقسم مهندسو التنقيب والإنتاج وفقًا لتخصصاتهم، فبعضهم يتخصص في هندسة الحفر وهم المسؤولون عن التصميم والحفر الفعلي للآبار، ويتخصص البعض الآخر في هندسة الإنتاج وهم المسؤولون عن ضمان إنجاز وربط الآبار بمعامل المعالجة وإدارة عمليات الإنتاج وتحسين نفقات التشغيل.

وهناك مهندسو «تحفيز» الآبار وهم المسؤولون عن تكسير وتجديد الآبار لتعزيز إنتاجيتها، ما يجعل المكامن غير التقليدية قابلة للإنتاج بصورة تجارية، ومهندسو «المكامن» المسؤولون عن إجراء تقييم كامل لخصائص المكمن وإمكاناته وتوقع معدلات إنتاج النفط والغاز.

تُعد إدارة المكامن النفطية من الفروع الرئيسة لهندسة البترول. وتشمل أعمالها: التطوير الشامل للحقل وتخطيطه، وتعظيم قيمته، وتقييم أدائه، وضمان سلامته. وهذا التخصص هو المسؤول عن توريد واستدامة جزء كبير من طاقة العالم.

ومن بين جميع جوانب هندسة البترول، تُعد هندسة إدارة المكامن التي تتألف أساسًا من مهندسي المكامن، هي السلطة النهائية المسؤولة عن توريد النفط لأي بلد. ويضع مهندسو إدارة المكامن توقعاتٍ لخطط التشغيل وخطط العمل السنوية والخمسية عن طريق إدارة نماذج المحاكاة المعقدة، والتي تشمل تصميم واستراتيجية تطوير الحقل، والتوجيه الأمثل للحفر ومواصفات الآبار، وأداء الإنتاج، واستدامته لفترات طويلة والميزانية المالية. ويعمل هؤلاء المهندسون في المكاتب، ويتضمن عملهم، في جزء كبير منه، التعامل مع مهندسي الحفر، ومهنيي تسجيل خصائص المكمن والعينات الجوفية، وعلماء المختبر، ومسؤولي تقنية إتمام الآبار وتحفيزها وتقنيات الإنتاج، لضمان استمرار تطوير الحقل وفقًا للتصميم والاحتياجات.

وعليه، يمكن لمهندس إدارة المكامن، الذي يتعامل مع تعزيز إنتاجية الآبار وتصميم تطوير الحقل وإدارة وتحسين أداء المكمن، أن ينفق حياته المهنية في بيئة مكتبية مع زيارات نادرة لمرافق الأعمال. أما مهندس الإنتاج، الذي يتعامل مع إنجاز الآبار ومحاكاة المكامن والمنشآت السطحية، فتنقسم حياته المهنية بين مواقع المكاتب والأعمال. ويحتاج مهندس الحفر المسؤول عن الحفر الفعلي للبئر في الغالب إلى البقاء في الموقع خلال المدة الزمنية المخصصة له. ويمكن لمهندس الحفر ذي الخبرة أن يعمل في تصميم الآبار وتحسين التقنيات والإشراف على الأعمال وإدارة الخدمات اللوجستية، وبالتالي إنفاق كثير من الوقت في المكتب.

وبالعودة للحديث عن مهندس البترول فإنه وخلال التدريب والمهمات الأولية، يقوم بالاطلاع على أعمال الحقول والأعمال المكتبية مثل منشآت التصنيع، ومعامل الإنتاج، ومواقع الآبار، والمختبرات ومراكز الحوسبة. ويمكن لمهندسي البترول العمل في المكاتب أو في الحقول أو فيهما معًا اعتمادًا على التخصص ومجال التركيز.

وعندما تُذكر هندسة البترول، فإنها تشير في الغالب إلى أعمال التنقيب والإنتاج، أما مهندسو التكرير والمعالجة، فيُطلق عليهم في الغالب اسم مهندسو البتروكيميائيات. فهم الأكثر مهارة في مجال السوائل والكيمياء وهم المسؤولون عن الفرز السليم لمكونات النفط الخام ومعالجته وتنقيته، وتشغيل محطات التكرير، والعمل على تحويل المواد النفطية الخام وتطويرها، وإنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات والسلع والمواد الكيميائية المتخصصة بما في ذلك الأدوية.

ومع تزايد الطلب على الطاقة البديلة، يجد بعض مهندسي البترول وبشكل استباقي التحول بمواهبهم للعمل على منتجات الطاقة النظيفة التي تنتج كميات أقل من انبعاثات الكربون.

ويسافرعديد من مهندسي البترول في أنحاء العالم أو يعيشون في بلدان أجنبية حيثما تأخذهم استكشافاتهم من أجل العثور على هذه الموارد الطبيعية الثمينة واستخلاصها. كما يتفاعل مهندسو البترول مع المهنيين العالميين في الصناعة بصورة منتظمة من خلال الاجتماعات والمؤتمرات للتعرف على التحديات التي تواجه بعضهم البعض وتبادل ونشر المعلومات واستنباط الحلول للمشكلات الصعبة.

ثمَّة جانب آخر من هندسة البترول يتعلق بالتحليل المالي لكل مشروع، حيث يتعين على مهندسي البترول قياس الجدوى المالية والاقتصادية للعملية برمتها، كما تُعد عملية تنظيم وتكامل وتحليل البيانات من الأساسيات في قيام المهندسين بتنفيذ مثل هذه التقييمات.

وأمام مهندسي البترول مستقبل مملوء بالتحديات والفرص. فبالإضافة إلى العمل في الحقول البرية التقليدية يتعين عليهم تطوير وتطبيق التقنيات الجديدة لاستخلاص المواد الهيدروكربونية من حقول النفط والغاز البحرية وكذلك حقول النفط والغاز الصخري غير التقليدي ورمال القار والغاز المستخرج من الطبقات قليلة المسامية والنفاذية، كما يجب عليهم استخدام تقنيات جديدة بما ذلك دعم الوسائط الثانوية والمتخصصة في عملية الاستغلال لاستخلاص النفط والغاز في باطن الأرض بعد استنفاد طرق الإنتاج التقليدية. ويمكن أن تشمل هذه الأساليب حقن المواد الكيميائية في المكمن لتحفيز تدفق النفط أو استخدام تقنيات الاحتراق والتدفئة الموضعية لجعل النفط الثقيل في الخزان أقل وزنًا ومن ثم أكثر سهولة في التدفق من البئر.

وفي الممارسة العملية، ينطبق مصطلح «النفط والغاز التقليدي» أو «الموارد التقليدية» على النفط والغاز القابل للاستخراج من خلال أعمال الحفر والإنجاز والتثقيب عن طريق الضغط الطبيعي للمكمن أو من خلال إحداث هذا الضغط بصورة اصطناعية.

وبعد أن يستمر المكمن في الإنتاج لفترة طويلة من الزمن – تستمر لعقود في العادة – يمكن أن ينخفض الضغط الطبيعي للآبار بما لا يسمح بإنتاج الكميات المتبقية من النفط والغاز، وعندها تستخدم تقنيات استخلاص مختلفة لتعزيز الإنتاج قد تشمل حقن المياه والغاز أو آليات الضغط المتطورة، ولكن تظل حقول النفط والغاز هذه حقولًا تقليدية.

أما المكامن غير التقليدية فهي تلك المكامن التي لا يمكنها الإنتاج بصورة تجارية إلا عن طريق استخدام طرق الحفر المتطورة وأعمال التكسير الهيدروليكي واسعة النطاق منذ البداية المبكرة لعملية تطوير تلك المكامن. وبخلاف الحقل التقليدي، يتطلب الحقل غير التقليدي حفر عدد أكبر بكثير من الآبار، كما أن معدلات إنتاجه أقل بكثير مما يتطلب تطبيق عديد من تقنيات التحسين لخفض تكلفة المشروع وجعله مشروعًا اقتصاديًا.

.وفي الحالتين، يكون التخطيط والتصميم الدقيق إلى جانب تطبيق تقنيات بالغة التطور أمرًا لازمًا لاستخلاص النفط والغاز بصورة تجارية واقتصادية.

مهندس البترول هو المسؤول عن العمل مع مهندسين من تخصصات أخرى خلال أعمال الاستكشاف والتطوير والإنتاج وذلك لاختيار خطة التطوير الأمثل. وعادة ما يعمل مهندس البترول بشكل وثيق جدًا مع فريق الاستكشاف الذي يضم علماء الجيولوجيا والجيوفيزياء في تقدير الإمكانات والاحتياطيات الهيدروكربونية في حال نجاح عملية الاستكشاف وتحقيق الاكتشاف النفطي.

«الاحتياطيات» مصطلح مهم وغالبًا ما يستخدم من قبل مهندسي البترول، ويُقصد به كمية الهيدروكربونات التي يمكن إنتاجها بصورة تجارية في ظل القيود التقنية الحالية من حقل معين، وهي لفظ مرادف بشكل وثيق لتعبير الطاقة الإنتاجية القصوى التقديرية. ويمكن أن تزيد الاحتياطيات مع مرور الوقت بسبب تحسُّن وتطور القدرة الفنية وتطبيق الأفكار المبتكرة وتخفيض التكلفة واتساع منطقة التطوير أو الزيادة الحجمية للحقل. ودائمًا ما تكون أرقام الاحتياطيات أقل من أرقام الهيدروكربونات الأولية الموجودة في الموقع بصورة طبيعية، والتي تعرف بأنها الكميات الكلية المتراكمة بشكل طبيعي تحت الأرض، سواء كانت قابلة للاستخلاص أم غير ذلك. ويُعرف مُعَامِل الاستخلاص بأنه حاصل قسمة الاحتياطيات على الكميات الموجودة بشكل طبيعي.

يستطيع مهندسو البترول تحديث عمليات تحديد الحقل بصورة مستمرة وإعادة حساب تقديرات احتياطيات النفط والغاز وطاقة الإنتاج مع ازدياد البيانات التي يحصلون عليها طوال مرحلة التطوير. وعندما يؤكد الحفر التحديدي توافر احتياطيات كافية من شأنها أن تؤدي إلى مشروع قابل للاستغلال التجاري، يقوم مهندسو البترول بتصميم تطوير الحقل من خلال تقييم خصائص المكمن والهيدروكربونات واستراتيجيات الحفر والإنجاز وتعقيدات وطرق الاستخلاص والتكلفة ومسائل السلامة.

المملكة العربية السعودية: أحد الأمثلة الواضحة في مجال التنقيب وهندسة البترول

تمثل المملكة العربية السعودية أحد أكثر الأمثلة التاريخية البارزة في مجال النفط والغاز - من الاكتشاف إلى الإنتاج. فقد منحت المملكة امتيازًا نفطيًا لشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال، شيفرون حاليًا) في عام 1933م، وبدأت الشركة حفر آبار استكشافية في الدمام في عام 1935م وفي يوليو 1936م تدفقت بئر الدمام 2 بمقدار 3٫800 برميل يوميًا من النفط الخام عندما كان عدد موظفي الشركة آنذاك 1150 موظفًا، ثم بدأت البئر تخرج ماء، أما آبار الدمام 3 و4 و5 و6 فلم تكن واعدة.

كان ماكس ستاينكي هو كبير جيولوجيي سوكال، ونظرًا لإصراره ورؤيته ومثابرته في حفر بئر الدمام 7، المعروفة أيضًا باسم (بئر الخير)، استطاع أن يحقق الاكتشاف الأكثر تميزًا، مما أدى إلى أن تصبح المملكة في نهاية المطاف مالكة لنحو 20 % من احتياطيات النفط العالمية. وقد كان بئر الدمام7 رمزًا للنجاح، فقد تدفق في البداية بمقدار 3٫700 برميل يوميًا، ولكنه فتح آفاقًا واسعة لمزيد من أعمال الاستكشاف والتحديد والتطوير.

تغيّر اسم الشركة إلى شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) في عام 1944م، ثم إلى أرامكو السعودية في عام 1988م. ومع استخدام أفضل التقنيات وممارسات المكامن وهندسة البترول وتطبيق الأفكار والمفاهيم المبتكرة، وقبل كل شيء، توظيف أفضل مجموعة من المواهب والمهنيين ذوي المهارات العالية، أصبحت المملكة العربية السعودية دولة رائدة في إنتاج النفط والغاز في العالم حيث توفر الطاقة اللازمة لتلبية الطلب المتزايد محليًا وخارجيًا بأكثر من أي وقت مضى.

وطوال ما يزيد على 80 سنة، أصبحت المملكة العربية السعودية رائدًا عالميًا في مجال التنقيب والإنتاج والتكرير والتوزيع والتسويق. فمن خلال 121 حقلًا للنفط والغاز، تبلغ الاحتياطيات النفطية للبلاد 260.2 بليون برميل من النفط الخام والمكثفات التقليدية المؤكدة، فيما تبلغ احتياطيات الغاز 288.4 تريليون قدم مكعبة.

وفي عام 2013م، أنتجت أرامكو السعودية 3.4 بليون برميل من النفط، أي حوالي واحد من كل ثمانية براميل من إنتاج النفط الخام العالمي و4 تريليونات قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي مقارنة مع إجمالي الإنتاج العالمي البالغ 125 تريليون قدم مكعبة قياسية. وفيما يتم تصدير النفط الخام، يكرّس إنتاج الغاز السعودي بالكامل للاستهلاك المحلي وخصوصًا في مجال توليد الكهرباء، ومحطات تحلية المياه، وتشغيل التوربينات والآليات، والصناعة التحويلية.

وعليك حين تقود سيارتك أو تسافر بالطائرة أو تستمتع بالهواء البارد من المكيف أو الإضاءة في منزلك أو تخطط لرحلتك البحرية أو تتناول الآيس كريم أو تلعب الغولف أو تتناول الدواء الخاص بك، أن تفكر في إسهامات مهندسي البترول في كل ذلك لتدرك مدى تأثيرهم في المجتمع.

المصدر / شركة ارمكو